الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

اقوال ابن خلدون في علم التصوف




أول ما تجدر الإشارة إليه هو أن ما ميز قراءة ابن خلدون لعلم التصوف أنها نظرت في إشكاليته من جهة علاقته بعلوم أخرى تـشاطره أصوله وأهــدافه أو موضوعاته وأغراضه كعلم التوحيد و علم الكلام والفقه والأخلاق و من هنا تبدو قراءة صورة "علم التصوف" في الفكر الخلدوني مسألة دقيقة للغاية ذلك ان بحث منزلة التصوف بين سائر العلوم الشرعية من وجهة نظر بن خلدون على غاية من الاهمية فالتصوف قد أفرد بفصل كامل في المقدمة واستوجب الأمر بعد ذلك أن ألف ابن خلدون كتابا خاص هو "شفاء السائل لتهذيب المسائل"

من اقوال ابن خلدون في هذا العلم 

* ( هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة ;أصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريق الحق والهداية , وأصلها العكوفُ على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى , والإعراضُ عن زخرف الدنيا وزينتها , والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه , والانفرادُ عن الخلق في الخلوة للعبادة وكان ذلك عاماً في الصحابة والسلف , فلمَّا فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده , وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا , اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية فمن هذه النصوص، يتبين لنا أن التصوف ليس أمرا مستحدثا جديدا، ولكنه مأخوذ من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياة أصحابه الكرام، فالصحابة والتابعون وإن لم يتسموا باسم المتصوفين، كانوا صوفيين فعلا، وإن لم يكونوا كذلك اسما) مقدمة ابن خلدون ص 328 .

(ثم لما درج الصحابة رضوان الله عليه، وجاء العصر التالي لعصرهم تلقى أهله هدي الصحابة مباشرة تلقينا وتعليما، وقيل لهم : التابعون، ثم قيل لأهل العصر الذي بعدهم أتباع التابعين. ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، وفشا الميل عن الجادّة، والخروج عن الاستقامة، ونسي الناس أعمال القلوب وأغفلوها، وأقبل الجم الغفير على صلاح الأعمال البدنية، والعناية بالمراسم الدينية من غير التفات إلى الباطن ولا اهتمام بصلاحه، وشغل الفقهاء بما تعمّ به البلوى من أحكام المعاملات، والعبادات الظاهرة حسبما طالبهم بذلك منصب الفتيا، وهداية الجهور، فاختص أرباب القلوب باسم الزهاد والعباد وطلاب الآخرة، منقطعين إلى الله، قابضين على أديانهم... انفرد خواص السنة المحافظون على أعمال القلوب" المقتدون بالسلف الصالح في أعمالهم الباطنة والظاهرة وسمو بالمتصوفة) المقدمة، ص 357

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق