تذكر المصادر التاريخية أن الإسلام بدأ يشق طريقه إلى المناطق المعروفة الآن بـ (نيجيريا) منذ القرن الثامن الميلادي عن طريق التجار العرب المسلمين، الذين يفدون إليها من الشمال الإفريقي عبر الصحراء الكبرى، وازداد انتشار الإسلام وعظم أمر المسلمين في القرن الثالث عشر الميلادي تأثراً بنفوذ (الموحدين)، و(المرابطين) الذين أقاموا دولتهم في المغرب العربي، وكان لانتشار الإسلام في الشمال النيجيري أثره على حياة السكان الاجتماعية والثقافية، مما جعل لهم شخصية مميزة في السلوك والعادات التي انطبعت بالطابع الإسلامي بعد أن كانت أسيرة المعتقدات الوثنية.
ولم يتمكن الإسلام من الوصول مبكراً إلى الأجزاء الجنوبية من نيجيريا، بسبب كثافة الغابات التي تفصل بين الشمال والجنوب، الذي بدأ يتعرض لهجمات البرتغاليين والبريطانيين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
أثر الطرق الصوفية في المجتمع النيجيري
ولم يتمكن الإسلام من الوصول مبكراً إلى الأجزاء الجنوبية من نيجيريا، بسبب كثافة الغابات التي تفصل بين الشمال والجنوب، الذي بدأ يتعرض لهجمات البرتغاليين والبريطانيين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
أثر الطرق الصوفية في المجتمع النيجيري
لعبت (الطرق الصوفية) دوراً هاماً وبارزاً في نشر الإسلام في الساحة النيجيرية بانتشارها الواسع في طول البلاد وعرضها، وتمثل (القادرية) أقدم طريقة صوفية أدخلها (الشيخ عثمان بن فودي الفولاني) في تلك البلاد.
يرى بعض المؤرخين أن (الفولان) قد انتشروا بالتدريج في السودان الغربي وأعالي السنغال خلال ازدهار إمبراطورية غانا. وأنهم شقوا طريقهم إلى (بلاد الهوسا) في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، وصاروا قوة مؤثرة، بعد نجاح حركة الجهاد الفولاني بقيادة (الشيخ عثمان بن فودي) عام 1804..
ومازالت (نيجيريا) تدين حتى اليوم لهذه الحركة، التي جعلت منها أكبر دولة إسلامية في إفريقيا. وقد قام الفولاني بالتصدي لهجمة الاستعمار البريطاني الذي تكالب على مناطق الدولة الإسلامية ابتداء من الربع الأخير للقرن التاسع عشر. وكانت أخر مدينة فولانية تواجه البريطانيين هي (بورمي) التي قادت المعركة الأخيرة، وكانت تلك آخر المعارك، وآخر مراحل المقاومة الشديدة التي واجهها البريطانيون في غزوهم لشمال نيجيريا. وكان ذلك يوم 27/7/1903 وكان في تلك المعركة نهاية دولة الإسلام في نيجيريا.
كانت نيجيريا تتمتع بنظام تعليمي إسلامي قبل الغزو الاستعماري. وكانت المدارس القرآنية شائعة في كل أرجاء البلاد حيث كان الطلبة يدرسون القرآن ويحفظونه، وفي عام 1914 كان بالبلاد 25 ألف مدرسة قرآنية بمختلف المناطق. وكان الطلاب المتفوقون ينتقلون من مدرسة إلى أخرى ويتخرجون في نهاية الأمر علماء في الشريعة والفلسفة وغيرها. وكانت الموضوعات التي يدرسونها في مجملها تعكس حقيقة الإسلام وتأثيره في مجالات العلم والحياة.
وقد شنت بريطانيا بقوات ما يسمى بـ (شركة النيجر الملكية) حرباً على المناطق الإسلامية في شمال نيجيريا وأخضعتها للتاج البريطاني المباشر. ثم بدأت بريطانيا في إحلال ثقافتها الغربية محل الثقافة الإسلامية التي كانت سائدة في المجتمعات الإفريقية.
تصدى القادة والعلماء المسلمون لهذه السياسات وحرضوا الجماهير النيجيرية، إلا أن القوات البريطانية أفشلت تحركاتهم وأخذت بإعادة تشكيل إدارات مطواعة من الأهالي المحليين.
وأعلن الحاكم البريطاني (لوغارد) أن الفولانيين الذين أسسوا ممالك الهوسا قبل مئة سنة من مجيء البريطانيين، هم غير صالحين لممارسة السلطة إلا تحت الإشراف الأجنبي، وكان من وجهة نظره أن أبناء هؤلاء وأحفادهم سيكونون حكاماً مناسبين تحت الإشراف البريطاني، وأنه يمكن تنمية ذكائهم وقدراتهم كمنفذين للإدارة البريطانية. وكخطوة أولى في هذا المجال تمَّ إقناع الطبقة الحاكمة الجديدة بأن تكتب لغة (الهوسا) بالحروف اللاتينية. وتلقينهم اللغة الإنجليزية. لتكون لسان المثقفين والمغرّبين.
وكان الحاكم (لوغارد) ومبشر مسيحي يدعى (الدكتور ميللر) مشرفين على تنفيذ السياسة التعليمية الاستعمارية في الأراضي التي كانت تمثل (سلطة سوكوتو) فيما مضى ذات الطابع الإسلامي. وقد تقدم (لوغارد) في تقريره السنوي للسنة 1905 ـ 1906 بخطة من أربع نقاط لتنفيذ السياسة التعليمية لحكومته وهي:
1 ـ يجب تعليم (المعلمين) من النيجيريين الحروف اللاتينية ليكتبوا بها لغة (الهوسا) والإنجليزية الدارجة والحساب والجغرافيا.
2 ـ يجب تأسيس مدرسة أو كلية لأبناء الأمراء يحصلون فيها على التعليم الابتدائي، ويجري تدريبهم على (الإخلاص والوفاء) ليكونوا حكاماً متغربين.
3 ـ يجب بناء المدارس داخل المعسكرات لتعليم أبناء موظفي الحكومة.
4 ـ يجب تأسيس المدارس الابتدائية على النحو الغربي وفقاً لمناهج الغرب لتحل محل المدارس الإسلامية.
وكان الدكتور (ميللر) هو المسؤول عن تنفيذ هذه السياسة، فاستغل الفرصة لمصلحة التبشير، ووضع استراتيجيتين قائمتين على أساس (مخطط لوغارد)، ونفذهما حرفياً في شمال نيجيريا.
وقامت (الاستراتيجية الأولى) على أن ينتقي أمير كل ولاية (معلمين) من عنده يتقنان علوم القرآن، وأن يعيش هؤلاء ستة أشهر بالقرب من مسكن (الدكتور ميللر) يتلقون دروساً في القراءة وكتابة الهوسا بالحروف اللاتينية خلال الشهور الثلاثة الأولى ثم يقضون المدة الباقية في تلقي دروس الجغرافيا والنحو والحساب والصحة العامة لمدة ساعتين يومياً حتى لا تثير شبهات المسلمين بأن البريطانيين يخفون دوافع وأهدافاً مسيحية تبشيرية وراء هذا البرنامج التعليمي.
أما بخصوص المدرسة الخاصة بأبناء الأمراء فاقترح (ميللر) أن يرسل كل أمير اثنين من أبنائه ممن تتراوح أعمارهم بين 13 و16 سنة. وكان الهدف من هذه المدارس، تخريج موظفين إداريين يأتمرون بأمر الإدارة الاستعمارية، وتكوين نخبة جديدة من الأمراء (الأوفياء) يخضعون لتنفيذ مخططات بريطانيا ومصالحها في تلك البلاد.
وكتب (لوغارد) رسالة إلى وزارة المستعمرات بلندن، معلقاً على استراتيجيتي الدكتور ميللر يقول: (لو أمكن تنشيط فهم من نوع خاص بين السكان فسينتهي خطر الثورة الإسلامية، وستصبح الطبقات المثقفة بين المسلمين مؤيدة بقوة للحكم البريطاني كما كان الأمر دائماً في الهند. وهذه الطبقات تظهر بالفعل إشارات تدل على هذا)!!
كانت السياسة البريطانية التعليمية ذات أهداف تبشيرية، خصوصاً في المدارس التي أنشئت للمعلمين، فقد كتب (الأمين البريطاني للجمعية التبشيرية المسيحية): «بما أننا سوف نستخدم الإنجيل ككتاب للدراسة ونستخدم فقرات مختارة منه بعناية لكتابتها على أيدي الطلبة، فإنني أشعر أن هذه ستكون فرصة تبشيرية بصورة مؤكدة، وكذلك عندما يشاهد الشعب هؤلاء المعلمين وهم يأتون إلينا لتلقي الدروس، فسيمكننا بالتأكيد أن نفتح مدرسة أو أكثر على الخطوط التبشيرية المؤكدة».
لقد اتبع الاستعمار البريطاني أسلوباً (تغريبياً) ماكراً في الاهتمام بتعليم المسلمين النيجيريين ليصبحوا خاضعين للغرب ثقافياً وفكرياً وتابعين حضارياً. بينما هم يمارسون في نفس الوقت شعائرهم الدينية من صلاة وصوم وحج.. إلخ.
هذه السياسة (الماكرة) أدت إلى ظهور مدارس وكليات وجامعات من الطراز الغربي، وأفرزت هذه الجامعات بالتالي نخبة جديدة تقبل التعامل مع المستعمر بشكل أو بآخر تحت مسميات ومصطلحات تحديثية مختلفة، وجرى تشجيع هؤلاء (المتغربين) على خلط قليل من الإسلام بالعلمانية لكي يتمكنوا من مخاطبة الجماهير المسلمة حسب المنظور الغربي.
هذه هي (النخبة) التي تذكرها مراجعهم الغربية بأنها: (الآباء المؤسسون للقومية النيجيرية) التي قامت بتنمية نيجيريا وتقدمها منذ الاستقلال!!
بل الحقيقة أن هذه (النخبة المتغربة) هي التي هيمنت في بعض الأحيان على الأنظمة المتعاقبة في نيجيريا واستخدمت سياستها (التغريبية) لمصلحة الغربيين، ولقهر المسلمين ومنع أي ظهور قوي للإسلام في دولة ذات أغلبية مسلمة.
لكن الحقيقة أيضاً أنه ظهر بين هؤلاء من شذوا عن القاعدة، واستخدموا نفوذهم ومكانتهم (بوطنية)، لكن الإطار التصوري للنظام المتغرب، الذي يتحركون داخله كان يؤثر سلباً على جهودهم ويعرقل انطلاقهم.
ويؤلف المسلمون غالبية سكان نيجيريا، كما سبقت الإشارة، ولهم ثقلهم السياسي والاقتصادي والديني والاجتماعي سواء في عهد النضال من أجل الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني أو بعد الاستقلال. ولهم تنظيماتهم الاجتماعية والدينية التي تتولى رعاية شؤونهم. وتوجد مؤسسات إسلامية معترفاً بها من قبل الجميع وأشهرها (المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية) الذي يترأسه سلطان سوكوتو. ويضم أهم الشخصيات الإسلامية بالبلاد. كذلك (جماعة نصر الإسلام) بنشاطها الواسع، أسسها المرحوم (أحمد بللو) رئيس وزراء شمال نيجيريا، ومقرها (كادونا) وتتولى تطوير المدارس التي أنشأتها في الشمال. وتعطي اهتماماً كبيراً للإسلام وللمسلمين في الجنوب.
جمعية أنصار الدين: وهي أقدم المؤسسات الإسلامية في نيجيريا فقد تم تأسيسها عام 1923 ومركزها في العاصمة (لاجوس)، ويتبعها أكثر من مئة مدرسة ومعهد إسلامي لتخريج المعلمين والوعاظ، كما تتولى الإشراف على عدد كبير من المساجد.
مكتب البحوث الإسلامية: ويُعنى بالنشر والتأليف والنشرات الدورية وتوزيعها، كما يتولى الإشراف والتنسيق فيما يخص المنح والبعثات الدراسية للطلبة النيجيريين ومقره في (أجيشا) بلاجوس.
مركز التعليم العربي: ومقره في لاجوس: ويُعنى بتعليم اللغة العربية، وقد مضى على تأسيسه أكثر من ثلاثين عاماً تخرج فيه عدد كبير من الطلاب الذين يتقنون لغة القرآن الكريم.
وباختصار يمكن القول: إن الإسلام في نيجيريا يمثل قوة اجتماعية هامة، وإن المسلمين يتمتعون بشعور إسلامي قوي، ويمكن ملاحظة ذلك في الأعداد الهائلة من المسلمين الذين يقومون بأداء فريضة الحج سنوياً حيث بلغ عدد الحجاج النيجيريين عام 1981، 100000 حاج.
يرى بعض المؤرخين أن (الفولان) قد انتشروا بالتدريج في السودان الغربي وأعالي السنغال خلال ازدهار إمبراطورية غانا. وأنهم شقوا طريقهم إلى (بلاد الهوسا) في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، وصاروا قوة مؤثرة، بعد نجاح حركة الجهاد الفولاني بقيادة (الشيخ عثمان بن فودي) عام 1804..
ومازالت (نيجيريا) تدين حتى اليوم لهذه الحركة، التي جعلت منها أكبر دولة إسلامية في إفريقيا. وقد قام الفولاني بالتصدي لهجمة الاستعمار البريطاني الذي تكالب على مناطق الدولة الإسلامية ابتداء من الربع الأخير للقرن التاسع عشر. وكانت أخر مدينة فولانية تواجه البريطانيين هي (بورمي) التي قادت المعركة الأخيرة، وكانت تلك آخر المعارك، وآخر مراحل المقاومة الشديدة التي واجهها البريطانيون في غزوهم لشمال نيجيريا. وكان ذلك يوم 27/7/1903 وكان في تلك المعركة نهاية دولة الإسلام في نيجيريا.
كانت نيجيريا تتمتع بنظام تعليمي إسلامي قبل الغزو الاستعماري. وكانت المدارس القرآنية شائعة في كل أرجاء البلاد حيث كان الطلبة يدرسون القرآن ويحفظونه، وفي عام 1914 كان بالبلاد 25 ألف مدرسة قرآنية بمختلف المناطق. وكان الطلاب المتفوقون ينتقلون من مدرسة إلى أخرى ويتخرجون في نهاية الأمر علماء في الشريعة والفلسفة وغيرها. وكانت الموضوعات التي يدرسونها في مجملها تعكس حقيقة الإسلام وتأثيره في مجالات العلم والحياة.
وقد شنت بريطانيا بقوات ما يسمى بـ (شركة النيجر الملكية) حرباً على المناطق الإسلامية في شمال نيجيريا وأخضعتها للتاج البريطاني المباشر. ثم بدأت بريطانيا في إحلال ثقافتها الغربية محل الثقافة الإسلامية التي كانت سائدة في المجتمعات الإفريقية.
تصدى القادة والعلماء المسلمون لهذه السياسات وحرضوا الجماهير النيجيرية، إلا أن القوات البريطانية أفشلت تحركاتهم وأخذت بإعادة تشكيل إدارات مطواعة من الأهالي المحليين.
وأعلن الحاكم البريطاني (لوغارد) أن الفولانيين الذين أسسوا ممالك الهوسا قبل مئة سنة من مجيء البريطانيين، هم غير صالحين لممارسة السلطة إلا تحت الإشراف الأجنبي، وكان من وجهة نظره أن أبناء هؤلاء وأحفادهم سيكونون حكاماً مناسبين تحت الإشراف البريطاني، وأنه يمكن تنمية ذكائهم وقدراتهم كمنفذين للإدارة البريطانية. وكخطوة أولى في هذا المجال تمَّ إقناع الطبقة الحاكمة الجديدة بأن تكتب لغة (الهوسا) بالحروف اللاتينية. وتلقينهم اللغة الإنجليزية. لتكون لسان المثقفين والمغرّبين.
وكان الحاكم (لوغارد) ومبشر مسيحي يدعى (الدكتور ميللر) مشرفين على تنفيذ السياسة التعليمية الاستعمارية في الأراضي التي كانت تمثل (سلطة سوكوتو) فيما مضى ذات الطابع الإسلامي. وقد تقدم (لوغارد) في تقريره السنوي للسنة 1905 ـ 1906 بخطة من أربع نقاط لتنفيذ السياسة التعليمية لحكومته وهي:
1 ـ يجب تعليم (المعلمين) من النيجيريين الحروف اللاتينية ليكتبوا بها لغة (الهوسا) والإنجليزية الدارجة والحساب والجغرافيا.
2 ـ يجب تأسيس مدرسة أو كلية لأبناء الأمراء يحصلون فيها على التعليم الابتدائي، ويجري تدريبهم على (الإخلاص والوفاء) ليكونوا حكاماً متغربين.
3 ـ يجب بناء المدارس داخل المعسكرات لتعليم أبناء موظفي الحكومة.
4 ـ يجب تأسيس المدارس الابتدائية على النحو الغربي وفقاً لمناهج الغرب لتحل محل المدارس الإسلامية.
وكان الدكتور (ميللر) هو المسؤول عن تنفيذ هذه السياسة، فاستغل الفرصة لمصلحة التبشير، ووضع استراتيجيتين قائمتين على أساس (مخطط لوغارد)، ونفذهما حرفياً في شمال نيجيريا.
وقامت (الاستراتيجية الأولى) على أن ينتقي أمير كل ولاية (معلمين) من عنده يتقنان علوم القرآن، وأن يعيش هؤلاء ستة أشهر بالقرب من مسكن (الدكتور ميللر) يتلقون دروساً في القراءة وكتابة الهوسا بالحروف اللاتينية خلال الشهور الثلاثة الأولى ثم يقضون المدة الباقية في تلقي دروس الجغرافيا والنحو والحساب والصحة العامة لمدة ساعتين يومياً حتى لا تثير شبهات المسلمين بأن البريطانيين يخفون دوافع وأهدافاً مسيحية تبشيرية وراء هذا البرنامج التعليمي.
أما بخصوص المدرسة الخاصة بأبناء الأمراء فاقترح (ميللر) أن يرسل كل أمير اثنين من أبنائه ممن تتراوح أعمارهم بين 13 و16 سنة. وكان الهدف من هذه المدارس، تخريج موظفين إداريين يأتمرون بأمر الإدارة الاستعمارية، وتكوين نخبة جديدة من الأمراء (الأوفياء) يخضعون لتنفيذ مخططات بريطانيا ومصالحها في تلك البلاد.
وكتب (لوغارد) رسالة إلى وزارة المستعمرات بلندن، معلقاً على استراتيجيتي الدكتور ميللر يقول: (لو أمكن تنشيط فهم من نوع خاص بين السكان فسينتهي خطر الثورة الإسلامية، وستصبح الطبقات المثقفة بين المسلمين مؤيدة بقوة للحكم البريطاني كما كان الأمر دائماً في الهند. وهذه الطبقات تظهر بالفعل إشارات تدل على هذا)!!
كانت السياسة البريطانية التعليمية ذات أهداف تبشيرية، خصوصاً في المدارس التي أنشئت للمعلمين، فقد كتب (الأمين البريطاني للجمعية التبشيرية المسيحية): «بما أننا سوف نستخدم الإنجيل ككتاب للدراسة ونستخدم فقرات مختارة منه بعناية لكتابتها على أيدي الطلبة، فإنني أشعر أن هذه ستكون فرصة تبشيرية بصورة مؤكدة، وكذلك عندما يشاهد الشعب هؤلاء المعلمين وهم يأتون إلينا لتلقي الدروس، فسيمكننا بالتأكيد أن نفتح مدرسة أو أكثر على الخطوط التبشيرية المؤكدة».
لقد اتبع الاستعمار البريطاني أسلوباً (تغريبياً) ماكراً في الاهتمام بتعليم المسلمين النيجيريين ليصبحوا خاضعين للغرب ثقافياً وفكرياً وتابعين حضارياً. بينما هم يمارسون في نفس الوقت شعائرهم الدينية من صلاة وصوم وحج.. إلخ.
هذه السياسة (الماكرة) أدت إلى ظهور مدارس وكليات وجامعات من الطراز الغربي، وأفرزت هذه الجامعات بالتالي نخبة جديدة تقبل التعامل مع المستعمر بشكل أو بآخر تحت مسميات ومصطلحات تحديثية مختلفة، وجرى تشجيع هؤلاء (المتغربين) على خلط قليل من الإسلام بالعلمانية لكي يتمكنوا من مخاطبة الجماهير المسلمة حسب المنظور الغربي.
هذه هي (النخبة) التي تذكرها مراجعهم الغربية بأنها: (الآباء المؤسسون للقومية النيجيرية) التي قامت بتنمية نيجيريا وتقدمها منذ الاستقلال!!
بل الحقيقة أن هذه (النخبة المتغربة) هي التي هيمنت في بعض الأحيان على الأنظمة المتعاقبة في نيجيريا واستخدمت سياستها (التغريبية) لمصلحة الغربيين، ولقهر المسلمين ومنع أي ظهور قوي للإسلام في دولة ذات أغلبية مسلمة.
لكن الحقيقة أيضاً أنه ظهر بين هؤلاء من شذوا عن القاعدة، واستخدموا نفوذهم ومكانتهم (بوطنية)، لكن الإطار التصوري للنظام المتغرب، الذي يتحركون داخله كان يؤثر سلباً على جهودهم ويعرقل انطلاقهم.
ويؤلف المسلمون غالبية سكان نيجيريا، كما سبقت الإشارة، ولهم ثقلهم السياسي والاقتصادي والديني والاجتماعي سواء في عهد النضال من أجل الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني أو بعد الاستقلال. ولهم تنظيماتهم الاجتماعية والدينية التي تتولى رعاية شؤونهم. وتوجد مؤسسات إسلامية معترفاً بها من قبل الجميع وأشهرها (المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية) الذي يترأسه سلطان سوكوتو. ويضم أهم الشخصيات الإسلامية بالبلاد. كذلك (جماعة نصر الإسلام) بنشاطها الواسع، أسسها المرحوم (أحمد بللو) رئيس وزراء شمال نيجيريا، ومقرها (كادونا) وتتولى تطوير المدارس التي أنشأتها في الشمال. وتعطي اهتماماً كبيراً للإسلام وللمسلمين في الجنوب.
جمعية أنصار الدين: وهي أقدم المؤسسات الإسلامية في نيجيريا فقد تم تأسيسها عام 1923 ومركزها في العاصمة (لاجوس)، ويتبعها أكثر من مئة مدرسة ومعهد إسلامي لتخريج المعلمين والوعاظ، كما تتولى الإشراف على عدد كبير من المساجد.
مكتب البحوث الإسلامية: ويُعنى بالنشر والتأليف والنشرات الدورية وتوزيعها، كما يتولى الإشراف والتنسيق فيما يخص المنح والبعثات الدراسية للطلبة النيجيريين ومقره في (أجيشا) بلاجوس.
مركز التعليم العربي: ومقره في لاجوس: ويُعنى بتعليم اللغة العربية، وقد مضى على تأسيسه أكثر من ثلاثين عاماً تخرج فيه عدد كبير من الطلاب الذين يتقنون لغة القرآن الكريم.
وباختصار يمكن القول: إن الإسلام في نيجيريا يمثل قوة اجتماعية هامة، وإن المسلمين يتمتعون بشعور إسلامي قوي، ويمكن ملاحظة ذلك في الأعداد الهائلة من المسلمين الذين يقومون بأداء فريضة الحج سنوياً حيث بلغ عدد الحجاج النيجيريين عام 1981، 100000 حاج.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق