الخميس، 13 ديسمبر 2012

شرطة نيويورك.. مصابة بـ “الإسلاموفوبيا”!



على الرغم من غياب أي وثائق أو أدلة قانونية تفيد بوجود ” أنشطة إرهابية أو أنشطة إجرامية أخرى” تستدعي مراقبة الطلاب المسلمين في مدينة نيويورك، بدءا من أحياء المسلمين، مروراً بمساجدهم، وصولاً إلى الجامعات التي يرتادونها، إلا أن انتهاك حريتهم ما تنفك جائزة من الناحية الاجتماعية وتحت ذريعة ” التحقيقات الإرهابية”، ضاربة بعرض الحائط ما ينص عليه الدستور الأمريكي والذي يؤكد على عدم التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم.

هذا التمييز ضد المسلمين والذي بات واضحاً في ممارسات شرطة نيويورك، وذلك في عرضها يناير الماضي فيلماً مسيئا للمسلمين أثناء تدريبات رسمية واعتذارها عن ذلك، ظهر مجدداً في تقرير كشف النقاب مؤخرا عن مراقبة شرطة هذه المدينة لأحياء المسلمين، وتجسس عناصرها على الطلاب المسلمين في جامعاتهم، وتزويد الشرطة بأسمائهم وبتحركاتهم. ما أثار غضب واستياء المنظمات المدافعة عن الحقوق المدنية ليس فقط في ولاية نيويورك، بل على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى المستوى العالمي أيضاً.

إدانات متعددة

وفي هذا الإطار، أعلنت” هيومن رايتس ووتش” اليوم الثلاثاء 28-2-2012 أن على سلطات نيويورك أن تحقق بـ”استفاضة لجوء شرطة مدينة نيويورك إلى انتهاك الحريات الدينية أثناء مراقبتها لما أسمتهم المنظمة بـ”جماعات مصالح المسلمين”، وذلك في تنديد من المنظمة بقرار رفض النائب العام لولاية نيويورك في 24 فبراير الحالي، للتحقيق في إجراءات الشرطة الرقابية لأحياء المسلمين بسبب “معوقات قانونية وتحقيقية” لم يعلنها.

وقالت أليسون باركر، مديرة برنامج الولايات المتحدة في هيومن رايتس ووتش: “شرطة نيويورك اخترقت المساجد وجماعات المسلمين الطلابية دون أي سبب ظاهر للاعتقاد بوقوع مخالفات للقانون. التحقيق مع مجتمعات سكانية لمجرد انتماءاتها الدينية أمر ضار للغاية بحقوق الإنسان”، مضيفة:” على المسؤولين ومسؤولي إنفاذ القانون واجب حماية جميع المواطنين بغض النظر عن الدين.. كان على مسؤولي مدينة نيويورك أن يعرفوا منذ فترة طويلة أن بناء الثقة مع مجتمعات الأقليات، وليس تقويضها، هو أفضل حل لضمان سلامة المدينة. إجراء تحقيق كامل وشفاف في برنامج المراقبة هو خطوة هامة على مسار استعادة هذه الثقة”.

تنديد “هيومن رايتس ووتش” بممارسات شرطة نيويورك يأتي في ظلّ النقاشات الحادة التي تسود المجتمع الأمريكي في مدينة نيويورك، بعد نشر وكالة “أسوشيتد برس” للأنباء تقرير من قسم شرطة مدينة نيويورك، يعرض عمليات مراقبة للمسلمين في مناطق “لونغ أيلاند” ونيوجيرسي، حيث قام ضباط شرطة في ثياب مدنية من الوحدة السكانية باختراق وتصوير عشرات المناطق التي ذكروا أنها “مواطن قلق”، منها مساجد ومنظمات طلابية إسلامية، وشركات يملكها ويرتادها مسلمون. وأفاد التقرير بأن شرطة نيويورك راقبت طلابا جامعيين مسلمين في شتى مناطق شمال شرق الولايات المتحدة، بما في ذلك في جامعة سيراكوس، وجامعة يال وجامعة بنسلفانيا، خلال الفترة من 2006 إلى 2007.

من جهتهم، أعلن Muslim advocacy groups أو “ائتلاف الدفاع عن المسلمين” عن خيبة أملهم من رفض المدعي العام إيريك شنايدرمان Eric Schneiderman التحقيق فيما قامت به الشرطة من إجراءات غير قانونية، وذلك على الرغم من تلقي المدعي العام في وقت سابق من هذا الشهر نحو 33 رسالة إدانة من المنظمات المدنية المعنية بالدفاع عن الحريات المدنية.

وفيما برر المتحدث باسم المدعي العام داني كنار Danny Kanner الرفض بقوله:” هناك قدر كبير من العقبات القانونية والتحقيقية التي تعيق قدرتنا بعرض هذه القضية”، شجب” ائتلاف الدفاع عن المسلمين” قرار المدعي العام، مطالباً المدعي العام بـ”امتلاك الشجاعة الأخلاقية للقيام بالشيء الصحيح، ودعم الحقوق المدنية لسكان نيويورك المسلمين والذين قامت الشرطة بالتجسس عليهم بناء على عقيدتهم وليس على أساس أي مخالفات قانونية”، كما دعا الائتلاف المدعي العام لإعادة النظر في قراره، بحسب ما ذكرت “سي أن أن” في تقرير لها نشر يوم 24 فبراير 2012.

بدوره أيضا، أدان مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، واتحاد الحريات المدنية الأميركية، ما قامت به شرطة مدينة نيويورك. وأعلن المجلس والإتحاد بأنهما سيسعان لتقصي أية وثائق من جامعة “ييل” فيما يتعلق بالقضية.




قلق في أوساط الطلاب 

التقرير الذي نشرته”"أسوشيتد برس” تسبب في إثارة غضب هيئة التدريس والطلاب في جامعة “ييل”. وفي هذا الصدد تقول الطالبة والعضو السياسي في رابطة الطلاب المسلمين زينة زياد ” Zaina Zayyad : “الآن، في أعقاب هذه التقارير والأنباء المثيرة للقلق، وأريد أن أؤكد لأعضاء الرابطة أنه بإمكانهم الاعتماد على الدعم الكامل من جامعة ييل”. بحسب ما نشرت Milford orange bulletinفي 23 فبراير 2012.

وقالت زياد ”صدمنا وحزنا من وضعنا تحت المراقبة على أساس الدين.. فنحن كأي منظمة طلابية، لدينا الحق في التعبير عن ديننا”، مضيفة:” التمييز ضد المسلمين هو خطأ مثل التمييز على أساس الجنس والعرق والجنسية، والميول الجنسية. وأن الإجراءات التي قامت بها شرطة نيويورك تهدد السمعة “التي تجعل من جامعة ييل جامعة ذات مستوى عالمي”.

بدورها قالت وجمه سادات “ Wazhama Sadat، وهي عضو في الرابطة:” اليوم نعيد النظر كطلاب فيما اذا كنا سنستمر في التعلم بجامعة أمريكية.. إن الإجراءات التي اتخذتها شرطة نيويورك تمثل لإسلاموفوبيا في أسوأ حالاتها، وفي هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة في الولايات المتحدة اعتقد انه ليس على شرطة نيويورك إهدار أموال دافعي الضرائب على رصد ومراقبة لا أساس لها”.

ولأليسيا كوماتشو Alicia Camacho,، العضو في هيئة التدريس في جامعة ييل رأيها، لا سيما وأنها تدرّس الدراسات الأمريكية والدراسات العرقية، قائلة ما حصل “تقشعر له الأبدان ومثير للانقسام.. إننا ممتنون لأنه لدينا طلاب ومسلمين من أعضاء هيئة التدريس.. ونحن ندين لهم بالكثير”.




“الإرهاب” أسمى من القوانين! 

على المستوى الرسمي قال النائب جري هولدر وينفيلد Gary Holder-Winfield أنه سيفعل كل ما في وسعه “لرفع” القضية بصفته عضو في المجلس التشريعي إلى الكونغرس قائلا:”في بعض الأحيان ننسى أن المسلمين جزء من مجتمعنا. وأن التمييز هو خطأ”. وأضاف “يبدو أن بعض ما حدث غير ضروري ويشكل انتهاكا لحرية الناس في ممارسة شعائرهم الدينية..ومن حق المواطنين اختيار الجامعات التي يريدونها “. وهذا ما يكفله دستور الولايات المتحدة الذي يؤكد على عدم التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم، ناهيك عن أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه الولايات المتحدة في عام 1992 والنافذ على المسؤولين على المستوى الفيدرالي، يحمي الحق في الحريات الدينية وحرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، والحق في الخصوصية.

ومع ذلك يبدو أن خرق الالتزامات الدولية وانتهاك الدستور الأمريكي، تبرره المسوغات “الإرهابية”، إذ دافع عمدة مدينة نيويورك مايكل بلومبرج Michaels Bloomberg عن تحركات قسم الشرطة، ووصف جميع مكونات العملية بأنها “قانونية” و”ملائمة” و”دستورية”، قائلا على الشرطة أن تتبع “الخيوط والبراهين حيثما وجدتها”. لكن تبريرات عمدة نيويورك رفضتها هيومن رايتس ووتش، التي وصفت ما قامت به الشرطة بأنها “حملة تصنيف واصطياد”.

في المقابل، طالب عمدة نيوآرك كوري بوكر Cory Booker بفتح تحقيق مستقل ، وقال: “علينا أن ننتبه أثناء حماية مواطنينا من الجريمة والإرهاب، لكن أن نضع قطاعات كبيرة من مجتمعات دينية تحت المراقبة دون سبب مشروع أو استفزاز من جانبهم، فهذا تجاوز للحدود”. وقال إن قسم شرطة نيويورك قال لقسم شرطته إنه سيدخل نيوآرك في إطار تحقيق إرهابي قائم، لكن لم يذكر أن التحقيق “تحقيق معمم على أفراد كثيرين لا يستند لما هو أكثر من انتمائهم الديني”، على حد ما ذكرت منظمة هيومن رايتش ووتش في بيانها.

ما تشهده مدينة نيويورك من نقاشات حادة حول تمييز الشرطة ضد المسلمين ليس بجديد لهذا العام، إذ أثيرت ضجة واسعة كذلك في يناير الماضي، بسبب عرض شرطة نيويورك فيلم معادي للإسلام أثناء تدريب للشرطة، علماً أن “نيويورك” تعد من الولايات الأمريكية التي يعيش فيها نسبة كبيرة من المسلمين إلى جانب كاليفورنيا، حيث يعيش فيها ـ16% من المسلمين، مقارنة بـ 8% في ولاية إيلينوي، 4% في ولاية نيو جيرسي، وانديانا ، ونحو 3% في ميشيغان وفرجينيا وتكساس. ويقدر عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 5.8 ملايين مسلم.

وتفيد تقارير مجلس مسلمي أمريكا American Muslim Council ، أن 42? من جميع المسلمين الأميركيين هم من أصول أفريقية، و 24? هم من أصل جنوب آسيوي، و 12? من أصل عربي. كما تشير احصائيات “CIA-world fact book”” إلى أن المسلمين لا يشكلون سوى 0.6% من عدد سكان الولايات المتحدة بحسب تقديرات العام 2007

http://islamonline.net.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق