الخميس، 21 فبراير 2013

المسلمون في نيجيريا أكثرية مستضعفة



نيجيريا البالغ عدد المسلمين فيها ( 85 ) مليون نسمة من أصل ( 154 ) مليون هم عدد السكان الإجمالي ، ويعني ذلك أن المسلمين هم الأغلبية في تلك البلاد ، لكن للأسف هذه الأغلبية مستضعفة مضطهدة رغم أن الرئيس (( موسى ياروادوا )) مسلم لكنه عاجز لا يملك من أمر نفسه أو بلده شيء ، وإنما يحكم البلد مجموعة من المتنفذين الصليبيين العنصريين الطائفيين ، يرتكبون جرائم تطرف وتعصب ديني صليبي ضد الملمين بالدرجة الأولى ، ومنها على سبيل المثال ما شهدته جوس من مجازر متفرقة منذ نهاية يناير الماضي امتدت حتى نهاية فبراير راح ضحيتها نحو 500 أغلبهم من المسلمين ، وإصابة نحو 1000 بجروح متفرقة وتهجير نحو 17 ألف من منازلهم ، غالبيتهم من المسلمين . 
ولا يجب أن نخدع بتلك الأكاذيب التي روجها ويروجها البعض عن وجود تنظيمات قتالية ، مثل تنظيم القاعدة وهو ما أطلق عليه طالبان نيجيريا أو ( بوكو حرام ) والتي ترجمها الإعلام الغربي ظلماً وزوراً إلى ( التعليم حرام ) والتي معناها طبقاً للغة الأصلية في نيجيريا ( القيم الغربية حرام ) ، ولا يجب أن ننسى أنه في العام الماضي قامت القوات النيجيرية بشن هجوم شديد على حركة ( بوكو حرام ) وقتلت زعيمها وقامت بتصفية معظم أفرادها . 
نيجيريا أكبر دول أفريقيا من حيث تعداد السكان ، وهي دولة غنية بالنفط والمعادن . 
عرفت نيجيريا الإسلام في القرن الثالث عشر ميلادي . 
ويجب أن نلفت الانتباه إلى وجود منظمات تنصيرية تعمل بشكل مكثف في نيجيريا من أجل تنصير آلاف المسلمين هناك ، وهذه المنظمات تتلقى دعماً مادياً من كنائس العالم هذه بالإضافة إلى الدعم السياسي الغربي، ويوجد في نيجيريا حوالي مئة من المؤسسات التنصيرية الخارجية تقدم الدعم المالي للأنشطة التنصيرية والتغريبية وهم يعملون في حرية تامية ، وليس للمسلمين مثل ذلك ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله . 
ومنذ إلغاء تطبيق الشريعة الإسلامية واللغة العربية على أيدي المستعمرين البريطانيين والتنصيريين صارت جميع المدارس العربية في نيجيريا غير معتبرة لا شهاداتها ولا تعاليمها من المراحل الابتدائية فالإعدادية إلى الجامعية ، فمن حمل شهادات هذه المدارس سواء من داخل نيجيريا أو من خارجها لا يعتبر ولا يجد الوظيفة الحكومية . 
والمسلمون ليس لهم صوت لأن جميع مراكز الإعلام بأيدي النصارى ، ولا يوجد في نيجيريا مطبعة واحدة للمسلمين ، ولا مركز إعلامي ، ولا مجلة تنطق باسم المسلمين ، بينما يوجد المئات للنصارى ، وهم يستخدمون هذه الإمكانيات لنشر النصرانية تشويه صورة الإسلام والمسلمين ولنشر أكاذيب وأباطيل عن الإسلام والمسلمين وقضايانا الإسلامية . 
ومما يؤسف له أن الدول العربية والإسلامية ومؤسساتها لم يهتموا بالمسلمين خاصة في الجنوب ، وكأن المسلمين غير موجودين ، وهذا يزيد من معاناتهم ويتسبب في ضعف الجهود الدعوية في البلاد . وهو ما أدرى إلى ما وقع من الجرائم بحق المسلمين ، تحت سمع وبصر منظمات حقوق الإنسان الدولية أو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بل سكتت هذه المنظمات ولم نسمع لها صوتاً حيال هذه الجرائم الفظيعة ، وكذلك الإعلام الغربي لا تجد له في هذه الجرائم سبقاً ولا تعليقاً عليها ، بل إنها بالنسبة له مجرد أخبار عابرة ، وليس الإعلام الإسلامي والعربي بأفضل حالاً منه . 
وباختصار : 
المسلمون في نيجيريا يعانون من : 
1- التنصير . 
2- الأمية المتفشية 75% . 
3- عدم وجود مؤسسات إعلامية لهم . 
4- الإهمال والتجاهل حتى من إخوانهم في العالم الإسلامي والعربي. 
ولذلك وجدنا في مجلة أمتي أن من واجبنا أن نخص المسلمين في نيجريا ، هذه الأكثرية المستضعفة بهذه الحلقة من سلسلتنا الشهرية : ( المسلمين في العالم ) ، وأن تسلط الضوء عليهم ، عسى أن يجدوا من إخوانهم من يهتم بهم . 
نيجيريا : 
يبلغ 154 مليون نسمة . مساحة نيجيريا نحو 923.768 كم2 ، الدولة غنية بالنفط والمعادن ، العملة النيجيرية هي النايرا ، يحدها من الغرب بنين ، وفي الشرق تشاد والكاميرون ، وفي الشمال النيجر ، وفي الجنوب خليج غينيا . 
العاصمة أبوجا منذ عام 1991م وكانت الحكومة النيجيرية فيما سبق تتركز في لاجوس . الاسم الرسمي للبلاد هو جمهورية نيجيريا الاتحادية . 
المناخ : 
يسود المناخ المداري معظم أنحاء نيجيريا ، وهو دافئ في معظم أوقات السنة ، غير أن المناطق الشمالية أكثر حرارة وجفافاً من المناطق الجنوبية . ويبلغ متوسط درجة الحرارة في الشمال نحو 29مْ ، إلا أن درجة الحرارة اليومية قد تصل إلى 38مْ ، أما متوسط درجات الحرارة في هضبة جوس في أواسط نيجيريا والمرتفعات الشرقية فأقل كثيراً ؛ وذلك بسبب الارتفاع الشديد عن مستوى البحر ، يبلغ المتوسط السنوي لدرجات الحرارة في الجنوب الرطب نحو 27مْ ، وبالنسبة للأمطار فإن الجنوب يتلقى نسبة أكبر من المطر من الشمال ، ويبلغ المتوسط السنوي للمطر نحو 381 سم في المناطق الساحلية ، ويستمر موسم سقوط الأمطار من أبريل حتى أكتوبر ، في معظم مناطق نيجيريا غير أنه يستمر لمدة أطول في جنوبي البلاد . 
التاريخ : 
أول من سكن نيجيريا قبائل الهاوسا ، كانوري ، الفولاني ويعود ذلك إلى 500 سنة قبل الميلاد ، أما الإسلام فقد دخل إلى نيجيريا في القرن الثالث عشر ميلادي ، سيطرت على المنطقة إمبراطورية كانيم من نهاية القرن الحادي عشر وحتى أواسط القرن الرابع عشر ميلادي كما سيطرت أمبراطورية الفولاني على المنطقة من بداية القرن التاسع عشر وحتى احتلال البريطانيين للاغوس عام 1851م ، استقلت عن بريطانيا 1 أكتوبر عام 1960 ، وانضمت على مجموعة الدول المصدرة للنفط عام 1970م . 

• يشكل المسلمون 65 % من عدد السكان الإجمالي البالغ 150 مليون نسمة . 
• المسلمون في نيجيريا يعانون الإهمال والتجاهل حتى من إخوانهم في العالم الإسلامي والعربي . 

الحم في نيجيريا : 
سيطر القادة العسكريون على الحكم في نيجيريا من عام 1966 م إلى عام 1979 م ، ثم آلت مقاليد الحكم في البلاد إلى حكومة مدنية ، غير أن القادة العسكريين أطاحوا بها عام 1983م ، وتم حل كافة الأحزاب السياسية ، ثم آل الحكم إلى حكومة مدنية ، مرة أخرى ، في عام 1999م ، واتخذت نيجيريا لنفسها دستوراً جديداً في العام نفسه . 
نيجيريا جمهورية اتحادية ( فدرالية ) تتكون من 37 ولاية بالإضافة إلى منطقة العاصمة الاتحادية ، أبوجا ، كل ولاية لها مجلس تشريعي وحاكم منتخب يعين المجلس التنفيذي . 
القوميات والأديان : 
يوجد في نيجيريا 250 قومية ، حيث تمثل لغة الهاوسا أو الهوسا ولغة الفولاني 29% ، لغة اليوروبا 21% ، لغة الايكبو 18% ، لغة الإيجاو 10% ، لغة الكانوري 4% ، لغة الايبيبيو 3.5 % لغة التيف 2.5% . 
يشكل المسلمون 65% من عدد السكان الإجالي ، و35% مسيحيين ، فيما شكل أتباع الديانات الوثنية الأخرى الباقي . 
الاقتصاد : 
تعد نيجيريا من أهم الدول الأفريقية المنتجة للنفط وهي عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط ( أوبك ) ، وتحتل المرتبة الثامنة في قائمة أهم الدول المصدرة للنفط على المستوى العالمي ، وبحسب تقديرات أوبك لعام 2001 يبلغ حجم الاحتياطي النفطي في نيجيريا ما بين 27 إلى 31.5 مليار برميل ، في حين يبلغ حجم الاحتياطي من الغاز الطبيعي 4.5 تريليونات قدم مكعب ، تستهلك نيجيريا من بترولها ما بين 200 إلى 275 ألف برميل فقط يومياً ، وتصدر إلى العالم الخارجي 2.26 مليون برميل يومياً ، وتعتبر الولايات المتحدة أهم مستورد للنفط النيجيري ومنتجاتها الأخرى ثم أوربا . كذلك تصدر نيجيريا يومياً 7.83 مليارات قدم مكعب من الغاز الطبيعي إلى العالم الخارجي على هيئة غاز مسال . وتتركز معظم حقول النفط النيجيرية في منطقة دلتا النيجر جنوب ووسط البلاد ، كما يمثل النفط النيجيري 20% من الناتج المحلي الإجمالي ، و95% من إجمالي حجم تجارتها مع العالم الخارجي و65% من مدخولات ميزانية الدولة . 
وتوجد حقول نفط واسعة في جنوبي نيجيريا ، بالإضافة إلى بعض الحقول البحرية في خليج غينيا ، كذلك يوجد القصدير ، والكولمبيت ، والفحم الحجري ، وخام الحديد والرصاص ، والحجر الجيري ، والغاز الطبيعي والزنك ، كما تتمتع نيجيريا بموارد طبيعية متنوعة ، وأكثر من نصف أراضي نيجيريا صالح للزراعة والرعي ، ولكن المساحة المستغلة بالفعل في زراعة المحاصيل ، لا تتجاوز 15% من المساحة الكلية للقطر ، بينما تغطي الغابات ما يقرب من ثلث مساحة نيجيريا . 
تحتل نيجيريا مركزاً متقدماً بين الدول الكبرى المنتجة للكاكاو ، وزيت النخيل ، ولب النخيل ، والفول السوداني والمطاط ، والفاصوليا ، والمنيهوت ، والذرة الشامية ، والقطن ، والذرة البيضاء ، والأرز ، والدخن ، واليام ، كما يربي المزارعون المعز ، والدواجن ، والأغنام والأبقار وهناك صيد الروبيان ، مختلف أنواع الأسماك ، والأحياء البحرية . 
من أهم الصناعات الرئيسة في نيجيريا الإسمنت ، والكيميائيات ، والملابس ، والأسمدة ، والمنتجات الغذائية ، والأخشاب والمنتجات الفلزية والمنسوجات ، وبالإضافة إلى ذلك تمتلك نيجيريا مصانع تجميع السيارات ، ومصافي النفط ، ومصانع الفولاذ ، ومصانع لتجهيز المطاط . 
• المسلمون في نيجيريا أكثرية مستضعفة مستضامة ، كحال المسلمين في سائر أرجاء الأرض . 
• أعظم شيء تميزت به هذه الأمة المباركة في النواحي الاجتماعية قوة الرابطة الدينية ، والأخوة الإيمانية بين أفرادها . 

وصول الإسلام إلى نيجيريا : 
وصل الإسلام إلى نيجيريا في وقت متأخر ، مقارنةً ببلاد إفريقية أخرى مثل مصر ومناطق شمال وغرب إفريقيا ، وجاء ذلك بعد إتمام الفتوحات الإسلامية في إفريقيا في عهد الدولة الأموية ، بدايةً من مصر ووصولاً إلى ساحل المحيط الأطلنطي ؛ حيث بدأت قبائل الهوسا – التي يقطن جزء منها شمالي نيجيريا – الدخول تحت ظلال الإسلام في القرن الثالث عشر الميلادي السابع الهجري ، إلى أن أظلهم الإسلام بشكل كامل مع بداية القرن الخامس عشر الميلادي ؛ حيث كانت لقبائل الهوسا سبع إدارات تستمد كل منها اسمها من المدينة الرئيسة التي تقطنها ، وهم كما يلي : كانو وزاراي ودورا وجوبير وكتسينا وزامغاريا ، لكل منها ملك ومجموعة من الوزراء . 
وتعرضت مناطق الهوسا لهجرات من الشعب الغلاني الذي اختلط بالهوسا ، واعتنق الإسلام ، وكان عمل المسلمين حينئذ التجارة ، والتي كانت طريقهم للإسلام عن طريق التجار المسلمين الذين وجدوا في بلاد الصحراء الكبرى جنوبي دولة الخلافة الإسلامية سوقاً لبضائعهم ، وكان للمرابطين دور بارز في انتشار الإسلام في نيجيريا ، كما في عموم غرب إفريقيا ؛ حيث وصل الدعاة المرابطون مع التجار المسلمين إلى نيجيريا وغينيا والكاميرون ومعظم مناطق الصحراء الكبرى وجنوبها حتى الجابون . 
وأقيمت العديد من الإمبراطوريات الإسلامية في هذه المنطقة في العصور الوسطى ، ومنها إمبراطورية السونجاي ، والتي تقع ناحية الداهومي إلى جهات بوسا شمالي نيجيريا ، وكانت عاصمتها جاو. 
وفي مطلع القرن الثامن عشر الميلادي ظهر بين فقهاء شعب الغلاني الشيخ عثمان فودي الذي تلقب بـ (( ساركين مسلماني )) أي أمير المسلمين ، فوحد الجماعات المسلمة المتناثرة في إقليم الهوسا – والذي شمل أغلب مساحة الغرب الإفريقي – وأعلن الجهاد ضد مملكة جوبير الوثنية لدفع عدوانها على المسلمين ، واستقر في سكوتو ، واتخذها قاعدة لحملاته ، وبعد أن استتبت الأمور اعتزل الحكم ، وسلم شئون الدولة لأخيه عبد الله وابنه بلو اللذين تقاسما مملكة امتد حكمها من حدود الكاميرون الحالية وحتى حدود مالي الحالية ، وغزت مملكة الشيخ عثمان أجزاء من الغابات الاستوائية باتجاه الوسط الإفريقي ، وطبقت الشريعة الإسلامية على المناطق التي خضعت لها ، واتخذت من المذهب المالكي مذهباً رسمياً لها ، وتم بناء المساجد والمدارس والمكتبات في أنحاء البلاد ، وساد الأمن والبركة بتحكيم الشريعة الربانية ربوع نيجيريا ، فأغاظ ذلك الإنجليز الذين كانوا يستعمرون أكثر الأرض ويفسدون فيها ، فبثوا عيونهم ، ثم أرسلوا جيوشهم حتى أسقطوا الحكم الإسلامي في أوائل القرن العشرين ، وزرعوا وكلاءهم وعملائهم للسيطرة على البلاد ، وأخذوا في نقض عرى الشريعة عروة عروة ، ونشروا المدارس التنصيرية في طول البلاد وعرضها ، وبدأت مرحلة من الحرب الفكرية بين المنصرين وعلماء المسلمين ، وتم تنصير كثير من الوثنيين بالمال والمناصب والشهوات ، كما تنصر بعض الضعاف من المسلمين لأجل ذلك ، وكان شمال نيجيريا أشد تمسكاً بالإسلام والحمية له من الجنوب الذي فرح أهله بالنفوذ النصراني فيه ، ما عدا قبائل اليورباه المسلمة ، وكان من عمل الإنجليز قبل رحيلهم زرع عملائهم لإدارة البلاد من بعدهم ، وللقضاء على ما بقي من آثار الشريعة الإسلامية في التحاكم ؛ بل إن الإنجليز جملوا إلغاء الأحكام الجنائية الشرعية شرطاً من شروط استقلال نيجيريا . 
ولما استقلت البلاد قبل نحو خمس وأربعين سنة من الآن عاد العلماء من جديد لغصلاح ما أفسده الإنجليز من عقائد الناس وأخلاقهم ، ومقاومة المد التنصيري التخريبي الذي انتشر انتشاراً كبيراً بسبب الدعم الكبير من مجلس الكنائس العالمي ، والجمعيات التنصيرية الغربية ، حتى إنهم كانوا إذا نصروا مسلماً أو وثنياً واحداً في بلد ليس فيها نصارى ابتنوا له على الفور كنيسة مزخرفة ؛ لترسيخ الشعائر النصرانية ؛ ولجذب فقراء المسلمين والوثنيين إليها . 
واستمر العلماء والدعاة عقب الاستقلال في نشر العلم ، وبث الوعي في المسلمين ، وتحذيرهم من المخاطر المحدقة بهم ، وكان للصحوة الإسلامية وانتشار المد الأثري السلفي أثره الكبير في عوة الوعي للأمة النيجيرية ، وكان لدروس العلامة النيجيري أبي بكر جومي رحمه الله تعالى ومن معه من العلماء والدعاة أثر كبير في اقتناع حكام الولايات الإسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية ، واستفادوا من ثغرات في الدستور تسمح لهم بذلك ، وكون نظام الحكم في الدولة فدرالياً ، بمعنى أن كل ولاية تدير شئونها الداخلية حسب رغبة حكومتها وشعبها ، وقبل عشر سنوات أعلنت ثنتي عشرة ولاية نيجيرية اعتماد الشريعة حكماً بين الناس مما أقض مضاجع الغربيين ، واستنفروا جهودهم للحيلولة دون ذلك ، والضغط على الحكومة المركزية لمنعه ، وشحن النصارى والوثنين ضد المسلمين ، وإثارة الفتن الطائفية والعرقية بين الناس ، كعادتهم في تخريب البلدان ، وإشعال الفتن والحروب . 
وما هذه الأحداث التي يشعلها النصارى في نيجيريا بين حين وآخر مدفوعين بوعود الغرب ودعمه وتأييده إلا لوأد التحاكم إلى الشريعة الربانية ، والقضاء على الشعائر الإسلامية ، وإرهاب المسلمين بانتهاك حرماتهم ، وقتل أطفالهم ، ويقر بطون حواملهم ، وإحراقهم أحياء ، وما نقلته الجزيرة وغيرها من الشبكات التلفازية عما وقع في جوس من فظائع ليس يخفى على متابع ، حيث اشتعلت الفتنة بسبب تجديد بناء مسجد قديم في قرية يسكنها أكثرية نصرانية ، فثأر متعصبون منهم بإحراق بيوت المسلمين وقتل خمس مئة نفس فيهم أطفال ونساء ، ورمي جثثهم في الآبار ، وشهدت بعض المنظمات الدولية الحقوقية ؛ أنهم رأوا هؤلاء المتعصبين أحرقوا بعض المسلمين أحياء وقتلوا آخرين أثناء محاولتهم الفرار ، ونقلت المنظمة عمن رأى المجزرة : أن الذين قاموا بالمجزرة هم نصارى بسيوف قصيرة وأسلحة نارية وعصي وحجارة ، وأن الأطفال كان يجرون والرجال كانوا يحاولون حماية النساء ، والذين فروا إلى الأدغال قتلوا والبعض أحرقوا في المساجد ، والبعض ذهبوا إلى البيوت وأحرقوا ، وقال : شاهدت جثث عشرين إلى ثلاثين طفلاً ، بعضها كان محترقاً ، والبعض قطعت بالمناجل ، وقال أحد أئمة المساجد : إنه تم إلقاء الكثير من الجثث في الآبار ، وكانت متناثرة حولها ولا يزال عشرات الأشخاص مفقودون ، وترك هؤلاء المجرمون أياماً عدة يعيثون في المسلمين قتلاً وإرهاباً ؛ لأن أكثر المتنفذين في الحكومة الفدرالية من النصارى ، رغم أن المسلمين تتجاوز نسبتهم ستين في المئة من عدد السكان الذين يقترب من مئة وخمسين مليوناً ، ولكن المسلمين أكثرية مستضعفة مستضامة ، كحال المسلمين في سائر أرجاء الأرض ؛ فإن عددهم يفوق المليار مسلم ولكنهم مستضعفين ، وصدق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ولكنكم غثاء كغثاء السيل )).

الإسلاميون في نيجيريا : 
توجد في نيجيريا جماعات عديدة مهتمة بالعمل الإسلامي ، منها : جمعية تعاون المسلمين ويقدر عدد عناصرها حوالي أربعين ألفاً وجميعهم طلاب وموظفين ، وهناك جمعية تضامن المسلمين ، والمجلس الإسلامي ، وجماعة التجديد الإسلامي وجمعية الطلبة المسلمين ، وجماعة الوحدة الإسلامية ، ومجلس أهل السنة والجماعة هؤلاء جميعاً ينتمون إلى المدرسة السلفية وبعضهم ينتمي حركياً لمدرسة الإخوان والحركات الإسلامية موجودة في مناطق المسلمين في الشمال والجنوب ، وهي ضعيفة في مناطق وقوية في أخرى . 
الجماعات الجهادية غير موجودة بالفعل في نيجيريا ، وللصوفية وجود كبير في شمال وجنوب نيجيريا ونسبتهم بين المسلمين هي الأكبر ، وهم أكبر من باقي الحركات الإسلامية ، لكن نشاطاتهم التعليمية ضعيفة جداً وليس لهم وجود سياسي يذكر لقلة ثقافتهم ، وتوجد بينهم فئتان : متطرفون ومعتدلون ، فالمتطرفون منهم من ترك الصلاة تماماً ويعتبر الورد الصوفي اليومي أو الأسبوعي بديلاً عن الصلاة ، ومنهم من يعتقد أن قراءة ما يسمى (( صلاة الفاتح )) أفضل من قراءة القرآن الكريم ، أما المعتدلون فلا يعتقدون هذه المعتقدات الباطلة وهم أقرب إلى السنة ويفضلون العلم والعلماء . 
وأكثر الحركات السنية يستلهمون أفكارهم من الإسلاميين العرب ، والقليل منهم له وجهته الحركية الخاصة وهذه الحركات مجتمعة ضمن منظمة معروفة باسم ؛ (( مجلس أهل السنة والجماعة )) ، ينضوي تحت رايتها حوالي 35 جماعة ، وبينهم علاقات جيدة ، ولا أجد يدعمها على عكس الجماعات الشيعية الممولة من إيران ، والجمعيات التنصيرية تدعمها دول وجهات غربية عديدة وبملايين الدولارات . 
وهناك ضغوطات على العمل الخيري ، ففي عام 2005 تم إغلاق مؤسسة الحرمين الخيرية فرع نيجيريا قبل إغلاقها تماماً في السعودية ، أبرز الأنشطة الإسلامية تمارس من خلال المساجد والمدارس ، والقليل من الإسلاميين يمارس النشاط السياسي والإعلامي . 
نسأل الله تعالى أن يعيد لهذه الأمة مجدها ، وأن يحقق لها عزها ، وأن يرفع رايتها ، وأن يذل أعداءها ، وأن يحفظ المسلمين أينما كانوا ، وأن ينصرهم على أعدائهم ، إنه سميع قريب . 
وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم السؤال عن أحوال المسلمين ، والتآلم لآلامهم ، ومشاركتهم همومهم وأحزانهم ، كان صلى الله عليه وسلم يمر بآل ياسر وهم يعذبون في رمضاء مكة فيحس بعذابهم ، ويثبتهم على إيمانهم فيقول : (( صبرا آل ياسر موعدكم الجنة )) ، ولما اشتد أذى المشركين في مكة أمر صلى الله عليه وسلم المستضعفين من المؤمنين بالهجرة إلى الحبشة وقال لهم : (( أن بها ملكاً لا يظلم الناس ببلاده في أرض صدق فتحرزوا عنده حتى يأتيكم الله عز وجل بفرج منه ، ويجعل لي ولكم مخرجاً )) . 
إن الرحمة فطرة سوية في القلوب البشرية ، ولا يرى سوى من البشر أعزل بتقل ، أو مكتوفاً يساق لحتفه بلا جريرة ، أو طفلاً يؤذي ، أو امرأة تهان إلا تحرك قلبه بالرحمة للضحية ، والغضب على المعتدي ، فكيف بحال المسلم مع إخوانه المسلمين المستضعفين ؟!
إن أعظم شيء تميزت به هذه الأمة المباركة في النواحي الاجتماعية قوة الرابطة الدينية ، والأخوة الإيمانية بين أفرادها ، حين حصر الله تعالى الأخوة في الإيمان (( إنما المؤمنين إخوة )) ( الحجرات : 10 ) فهم إخوة وإن تباعدت ديارهم ، وتباينت لغاتهم ، واختلفت أجناسهم ، ثم كرس النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى العظيم في كثير من الأحاديث فقال صلى الله عليه وسلم : (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) رواه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم : (( المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم يرد مشدهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم ...)) رواه أبو داود . 
إن مقتضى الإخوة في الدين أن يسأل المسلم عن حال إخوانه ، ويفرح لفرحهم ، ويحزن على ما يصيبهم ، ويبذل لهم ما يستطيع من العون المادي والمعنوي ؛ فيرفع الجهل عنهم بالعلم والدعوة ، ويزيل الفقر عنهم لئلا يفترسهم المنصرون بالمال الذي يقدمونه مع الكفر ، وقد قيل : (( إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر : خذني معك )) وأعظم شيء يبذل لمستضعفين من المؤمنين الدعاء ؛ فإنه سلاح المؤمن ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قتل قبائل من نجد قراء الصحابة  لجأ إلى الله تعالى يدعو عليهم فما رأوا خيراً (( ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً )) . ( النساء : 104 ) . 
مجلة أمتي العدد ( 76 ) لعام 1432هـ
محمد علي الخطيب 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق