الدكتور محمد عمارة
للإصلاح في الرؤية الإسلامية منهاج متميز عن نظائره في كثير من الأنساق الفكرية والفلسفات والحضارات التي انتشرت وسادت خارج إطار الإسلام؛ فالاصلاح الإسلامي ليس تغييرًا جزئيًّا ولا سطحيًّا، وإنما هو تغيير شامل وعميق،
يبدأ من الجذور، ويمتدُّ إلى سائر مناحي الحياة، وهو لا يقف عند الفرد - كما هو الحال في المذاهب الفردانية - كما أنَّه لا يهمل الفرد، مُركِّزًا على الطبقة - كما هو الحال في كثيرٍ من المذاهب والفلسفات الاجتماعية اليسارية، الوضعية والمادية - وإنَّما يبدأ الإصلاح الإسلامي بالفرد ليُكوِّن منه الأمَّة والجماعة، فالإسلام دين الجماعة، والجماعة أشمل وأوسع من الطبقة، وبدون صلاح الأفراد لن يكون هناك صلاح حقيقي للأمم والجماعات.
ولهذه الحقيقة من حقائق الإسلام جمَعت التكاليف الشرعية الإسلامية بين الفردي والاجتماعي - الكفائي - لأنَّ صلاح الفرد هو الذي يُؤهِّله للقيام بالفرائض الاجتماعية، والمشاركة في العمل العام، الذي تعودُ ثمراته على الجماعة - المكوَّنة من الأفراد - بل لقد رفع الإسلام مقام التكاليف الاجتماعية فوق مقام التكاليف الفردية، عندما جعل إثم التخلُّف عن التكليف الفردي مقصورًا على الفرد وحده، بينما إثم التخلُّف عن التكليف الاجتماعي شامل للأمَّة جمعاء، بل ورفع الإسلام ثواب التكاليف الفردية إذا هي أُدِّيت في جماعة واجتماع.






ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق