القاهرة " أفريقيا اليوم " آية منير
قليل جدا ما يعرفه المصريون عن الفنون الإفريقية – وهي متنوعة ومتميزة – وهم يختصرون علي سبيل المثال ما يعرفونه عن الفن التشكيلي الإفريقي في "أقنعة تراثية ونماذج من الفن البدائي " تباع في المتاجر السياحية والفنادق، لكن وزارة الثقافة المصرية قررت أخيرا فتح باب المعرفة على هذا العالم الغامض تشكيليا وإقامة حوار فني معه باستقبال معرض للفن النيجري، شارك فيه 20 تشكيليا من مصر ونيجيريا ليقدموا نماذج من تطور الفن التشكيلي في البلدين، كما عرضت فيه نماذج من مقتنيات المتحف القومي للفنون بنيجيريا.
وقد تحولت رغبة التشكيليين المصريين في التعرف على جانب غير معروف من الفنون في أفريقيا إلى حالة انبهار بالأعمال المعروضة التي تؤرخ لحالة إبداعية فريدة حجبت بسبب عزلة الفن الأفريقي عن مصر.
التشكيلي النيجيري «انسلم ناه» قال - في افتتاح المعرض الذي أقيم بقصر الفنون بساحة الأوبرا المصرية: هذه أول مرة أعرض فيها أعمالي بالقاهرة، وأعتقد أيضا أنها المرة الأولى التي يعرض فيها هذا الكم من الأعمال لفنانين نيجيريين في مصر، فرغم الارتباط بيننا بحكم وجودنا في قارة واحدة، إلا إن هناك انفصال معرفي قائم بين الشمال والجنوب بسبب عامل اللغة، حيث يتحدث شمال أفريقيا العربية أكثر، وعندنا نتحدث الإنجليزية أو الفرنسية إلى جانب لغات محلية عديدة، لذلك يصعب التواصل، مضيفا :للأسف نجد استقبالا أكثر حفاوة ورغبة في التعرف على ما ننتجه من فنون وآداب في أوروبا أكثر مما نجده في مصر، وهناك كتاب وتشكيليون أفارقه معروفون بشكل كبير في أوروبا ولا يعرفهم أحد في مصر.
واعتبر أن قيمة هذا المعرض ترجع إلي أنه يظهر تطور الفن النيجيري، ويحاول المشاركون فيه تغيير الصورة النمطية التي اختصرت الفن الأفريقي عامة في الفن الفطري والوجوه الأفريقية المنحوتة في الخشب، في حين أننا أصبح لدينا اتجاهات تشكيلية معاصرة وأفكار تعالج القضايا المحلية بأساليب تمزج بين ارتباط الرؤية بأفريقيا ولا تبتعد كثيرا عن الأساليب الحديثة.
رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصرية الفنان محسن شعلان، قال: هذه هي المرة الأولى التي يقام فيها معرض للفن النيجيري على أرض مصر، وتنظيمه يأتي استجابة لتوجيهات وزارة الثقافة المصرية بالاتجاه نحو أفريقيا، فنحن أسرة واحدة، ربما ينشغل بعضنا بأمور مختلفة، ولكن حياتنا ومشاعرنا وإحساسنا الفني واحد، والمعرض يعد فرصة جيدة للحوار غير المفتعل بين 10 فنانين مصريين و10 من نيجيريا.
القضايا المجتمعية في نيجيريا كانت محور اهتمام الفنانين، كما رصدت أعمالهم حالة التطور الصناعي، وجاءت لوحة الفنان «أوسوالد أوروا كبا» كتعبير عن التفاوت الطبقي، حيث يقسم اللوحة إلى جزئين تجلس في أحدهما امرأة نصف عارية أمام منزل ريفي بسيط تحاول أن تجد ما تأكله لترضع طفلها النائم فوق قدميها والضعف والهزال يبدوان على وجهه، وعلى الجانب الآخر تقف عمارات عصرية شامخة في مفارقة غريبة بين الفقر والغنى جمعهما في لوحة واحدة، كما يجتمعان في الواقع في بعض أحياء نيجيريا، وقد اعتمد الفنان على التفاصيل الدقيقة في رسم المرأة وطفلها، قابل ذلك رمزية في البنايات لينتصر لقيمة وجود الإنسان ذاته.
أكثر أعمال المعرض وضوحا لوحتان للفنان «ارهابو ايموكبي» الذي قدم لوحتين ملحميتين: الأولى لأحد فرسان نيجيريا القدامى خلال الحروب وخلفه جيشه، وفي جانب اللوحة تفصيلة لوجه الفارس ليبرز التفاصيل الوطنية في ملامحه، وفي اللوحة الثانية يستعيد الفنان فترة نفوذ الإمبراطورية النيجيرية القديمة من خلال رصده مشهدا لبحارة من أوروبا يقدمون الولاء للإمبراطور الجالس على عرشه، وعلى جانب اللوحة أيضا تفصيلة لوجه الإمبراطور ونجله.
أقيمت على هامش المعرض ورشة عمل استمرت لمدة خمس أيام بين الفنانين المصريين والنيجيريين لتبادل الخبرات والوقوف على التطور الذي وصل إليه الفن النيجيري.






ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق